كلمة الامير محمد الحسن الرضا المهدي السنوسي
الى الامة الليبية
بمناسبة الذّكرى الثامنة والسبعين لتأسيس الجيش الِلّيبيّ
بسم الله الرحمن الرحيم
فِي يوم التاسع مِن أغسطس مِن كل عام، نكون على موعد مع ذكرى عزيزة على قلوبنا جميعاً، ذكرى تأسيس الجيش الِلّيبيّ البطل، اليوم الشّامخ فِي تاريخ أمتنا الِلّيبيّة العظيمة والمرتبط بصمود الِلّيبيّين وأمجادهم وسفرهم الحافل بِالنَّصرِ وقهر الأعداء وبداية الطريق نحو تحقيق الأهداف المنشودة.
وتخليداً لذّكرى تأسيس الجيش وتكريماً لمؤسسيه ومنتسبيه، اعتبرت المملكة الليبية التاسع مِن أغسطس، عطلة رسميّة طبقاً لما جاء فِي قانون رقم (8) الخاصّ بِالعطلاتِ الرَّسميّةِ لسنة 1953م، وأقيم فِي العَام 1956م فِي منطقة «أبورواش» نصب تذكاري فِي المكان الّذِي تشكلت فيه نواة الجيش، والّذِي ساهمت قوَّاته فِي معظم مراحل القتال تحترايته المستقلة إِلى جانب قوَّات الحلفاء، وخاض معارك ضَارِيَةً، منذ معركة سيّدي البرّاني فِي نوفمبر 1940م إِلى آخر المعارك الّتي توجت بدحر قوَّات المستعمر الإيطالي وخروجها مِن كامل التراب الِلّيبيّ.
وإذ نحيي ذكرى التاسع مِن أغسطس، نستذكر مؤسس الجيش الليبي الملك ادريس المهدي السنوسي ورفاقه المجاهدين الابطال، ونستحضر سِفراً خالداً زاخراً بالقيم العظيمة والمعاني الجليلة والإنجازات المبهرة، ونتذكر سائر ربوع وطننا الغالي بسهوله وجباله ووديانه الّتي تخضبت بِالدماءِ الزكيّة، مِن أجل تحرير ليبَيا ودفاعاً عَن الوطن وسيادة أراضيه. فالتاسع مِن أغسطس، يعني فِي أهمّ مدلولاته، الإرادة الوطنيّة الَّتي كانت حاضِرَةَ فِي أحلك الظروف وأصعب المراحل، والإنجاز الّذِي تحقق مِن خلال رؤيّة ناضجة ومشروع وطنيّ واضـح المعالم. ويعني التمسك بالاستقلال وتحرير الأرض، والعمل مِن خلال مشروع وطنيّ واحد بثوابت ومرجعيات محل اتفاق الأمّة، وعقد تحالفات قائمة على معرفة موازين القوى العالميّة وحسن قـــــراءة للمشهد السّياسي. ويعني بناء جيش مهني موحد محترف، ينتمي إِلى كل ليبَيا ولا مكان فيه للعصبيات القبلية والمناطقيّة أو للولاءات الضيقة، وقد كان فِي طريق اكتمال بنيانه لولا انقلاب سبتمبر الّذِي قلب الموازين رأساً على عقب.
واليوم، ونحن نحيي الذّكرى الثامنة والسبعين لتأسيس الجيش الِلّيبيّ، أملنا ببناء جيش يستأنف مسيرة بنائه الأولى، وموحد قوي يحافظ على سيادة ليبَيا وأمنها واستقرارها ننطلق مِن خلاله إِلى بناء دولة القانون والمؤسسات، المرتكزة على الشّرعية الدّستوريّة وميراث الآباء المؤسسين. ونطلب مِن الأمم المتَّحدة وجميع الدول المهتمة بالشأن الِلّيبيّ، إيقاف التدخلات والاستفزازات الخارِجِيّة السلبيّة، وعمل المزيد مِن الحوارات وإِلى مزيدٍ مِن الانفتاح على كافة القوى والتَّيارات والأطراف دون انحياز لطرف على حساب الآخر، واتخاذ خطّوات عمليّة تضغط على القوى المتصارعة وتؤدي إِلى نتائج إيجابيّة يلمسها المواطن الِلّيبيّ الّذِي طحنته الحروب والصّراعات الّتي طال أمدها.
ونؤكد ونحن نمر بهذه الأوضاع القاسيّة والظروف الصعبة والأوقات العصيبة الّتي تعيشها البلاد وكافة أبناء ليبَيا، بأن التغلب على مَا نحن فيه بسرعة أمر ممكنً ومتاح وليس بالأمر الصعب، إذا مَا أدركنا المخاطر الّتي تحدِّق بنا، وخلصت النوايا وتكاتفت الأيدي، وكان التفاوض والحوار سبيلنا، فالحوار يبقى السبيل الوحيد مهما كانت خلافاتنا السّياسيّة،والطريق الأمثل لحماية البلد مِن التهوّر السّياسي وَمِن جنون استخدام السّلاح فِي إنهاء المشاكل والأزمات بين أبناءالوطن الواحد !!. مُّوقِنِينَ بأن النَّصر مِن عند الله، وأننا سوف نتغلب حتماً على معوقات بناء الدولة المدنية والأخطارالّتي تحدق بالوطن وسلامته، وأن المُسْتقبل القريب سيشهد انطلاقة كبرى لليبَيا الّتي حلمنا بها طويلاً، وكيفما أرادهاالآباء المؤسسون.
رحم الله شهداء الوطـن.
محمّد الحسَن الرَّضا المَهْدِي السّنُوسي
9 أغسطس 2018م