كلمة الامير محمد الحسن الرضا المهدي السنوسي
الي الامة الليبية
بمناسبة الذّكرى الثامنة والستين لاستقلال ليبَيا
بسم الله الرحمن الرحيم
الي الشعب الليبي الكريم
يجسد يوم الرابع والعشرون من ديسمبر في تاريخ الأمة الليبية، معانٍ سامية لاتتوقف عند تاريخ نحتفل بحلوله كل عام، أو تذكرٌ و تأمّل بما تحقق في ذلك اليوم من عام ألف وتسعمائة وواحد وخمسين ميلادية بإعلان استقلال ليبيا، ولكنه مثّل أيضاً تتويجاً لنضال آبائنا وأجدادنا بقيادة الملك الراحل ادريس المهدي السنوسي، وتضحيات بذلوا فيها الغالي والنفيس من أجل ان تنعم بلادنا الحبيبة بالحرية والإستقلال.
ونحن إذ نحيي ذكرى هذا اليوم الجليل، الذي مثل إصرار الشعب الليبي من خلال جميع مكوناته وفئاته، خلال عقود سبقته من الزمن، على النجاح في تأسيس دولة المؤسسات والقانون في ظل شرعية دستورية استطاعت المملكة الوليدة من خلالها الحفاظ على وحدة الأرض والوطن وضمان العلاقة المتوازنة بين الدولة والمواطن بين تمتع بالحقوق وممارسة للواجبات.
هذه المناسبة العزيزة على ذاكرة الوطن والمواطنين، تمر على بلادنا وهي تشهد واقعاً مريراً لا سابق له في تاريخ أمتنا. واقعٌ يجد الوطن فيه مواطنيه وهم يوجهون بنادقهم تجاه بعضهم البعض، ويتنادى أبناؤه لتقطيع أوصاله وتشتيت شمل عائلاته ومدنه وتبديد مقدراته وتفتيت وحدة ترابه، برعاية أطراف أعماها الصراع على السلطة والمال فأوصلوا الوطن إلى حال سالت فيه دماء الأشقاء على أيدى الأشقاء وهدّمت فيه البيوت على رؤوس أصحابها. هُجّرت العوائل وثُكلت الأمهات وكُمد الشيوخ وأصبح مستقبل أطفالنا ووطننا معهم معلقاً بأيدي من لا يكترث ولا يرحم، إلا بغوث من الله نرجوا أن يرشدنا به سواء السبيل.
لا بد لنا في هذا اليوم العزيز من أن نتوجه بالدعوة إلي إخواننا وأخواتنا من الليبين والليبيات، وفي وقت يمد فيه وطننا يديه مستغيثاً، بأن يضع الجميع جانباً الخلافات والاختلافات، الأحقاد والنعرات، والسلاح الذي يوجهه الإخوة إلى إخوتهم، والاستقواء بالتدخلات الخارجية وأن يمد الجميع أيديهم ليتصافحوا، ممهدين الطريق لحوار وطني صريح ومتعقل، مسترشدين بما حثت عليه شريعتنا السمحاء من نبذ للبغض والبغضاء، مستلهمين بما قام به يوماً آباؤنا وأجدادنا عندما رفعوا مصلحة الوطن فوق مصالحهم وحققواً استقلالا لا زلنا نحيي ذكراه بعد عقود طويلة.
محمد الحسن الرضا المهدي السنوسي
24 ديسمبر 2019