بسم الله الرحمن الرحيم
الشعب الليبي الكريم،
أقف اليوم وإياكم بإجلال وإكبار، أمام يومٍ مشهود في تاريخ أمتنا الليبية، له من المعاني الرفيعة والسيرة المحمودة على وطننا ، الأثر الجليل . فلم يكن يوم الرابع والعشرون من ديسمبر عام 1951 كمثله من الأيام في تاريخ بلادنا العزيزة ، ولكنه كان الحدث الأبرز والعلامة الفارقة في تاريخ شعب ؛ناضل أبنائه من أجل الحرية والعزة والاستقلال، سنوات وعقود طوال .
وبفضل هذا النضال الذي نحتفل اليوم بمرور سبعة عقود على انتصاره وتتويجه ، استطاعت بلادنا بعزم وصبر رجالها ونسائها أن تخطو خطواتها الأولى نحو بناء دولة القانون والمؤسسات تحت مظلة دستور وطني نفخر بقوته ومعانيه، استطعنا من خلاله أن نؤسس لدولة ديمقراطية تصبو لأن تحقق تطلعات أبنائها من أجل مجتمع العدل والمساواة. .
خلال العقد الماضي، راقبنا بكل اهتمام الأحداث والتطورات التي مرت بها بلادنا، والتي بلا شك تعددت مصادرها وأسبابها داخلياً وخارجياً، ولكن إهدار المقدرات، ونهب الثروات، وتدمير الممتلكات وتهجير الأخوة لبعضهم البعض وإزهاق الأنفس بغير الحق، كانت الأبرز والأكثر تأثيراً . وخلال هذه المدة الطويلة ظل شعبنا متحليا بالصبر والجلد ، آملين أن يروا بلادنا وقد رأت أخيراً بصيصاً من أمل المستقبل الذي انتظرنا فجره طويلاً. وكنا خلال هذه الفترة العصيبة مرحبين بكل دعوة لحفظ السلام وكل فرصة للحوار، مشجعين كل مبادرة تقي بلادنا شر القتال والفتن وتحافظ على وحدة البلاد وترابها ، مع قناعتنا الدائمة بأنه لا نجاح لأي معالجات، حتى مع وجود التوافق حولها، لا تتخذ من الدستور والقانون قاعدةً ومساراً لها .
خلال هذه الفترة العصيبة، حرصنا على أن نبقى أيدينا ممدودة دائماً، بعيداً عن دائرة المتصارعين على السلطة والمال، واقفين إلى جانب الشعب الليبي في تطلعاته واختياراته، وحقه في اختيار نظام دولته التي يطمح لها ، دولة المؤسسات والقانون.
وقد حافظنا طوال العقود الماضية على وصية آبائنا وأجدادنا ، والأمانة التي حُملّنا إياها ؛ بأن تكون الملكية الدستورية مستقبلاً كما كانت في عهدها الأول،مظلة لجميع الليبيين بمختلف أطيافهم وأعراقهم ومعتقداتهم وتوجهاتهم، وأن توفر هذه الدولة المرجوة مساحة للاختلاف والاتفاق، الذي يؤدي بالنتيجة إلى البناء والنماء لا الفرقة والاقتتال .
إننا على ثقة بأن ما تزخر به بلادنا من خيرات ونعم كفيل بأن يضمن لأجيالنا القادمة النماء والرخاء ، إن استطعنا اليوم أن نداوي آلامنا وأن نغفر لبعضنا البعض وأن نتكاتف جميعاً من أجل بلادنا .. حفظ الله ليبيا وشعبها.